يجرحنا محمود سعيد في روايته الدنيا في اعين الملائكة ، يبدو العنوان متفائلا جدا ، هل تكون الحياة مأساوية هكذا في أعين الاطفال؟ أم أن الحياة في العراق كانت مأساوية دائما؟
يبدو الطفل و كانه لا يحمل سوى الذكريات السيئة ، ذكريات الفقر و العوز ، أبطال و شخصيات ملائكية ، ستتعجب حتما كيف وصل بهم الحال الى هذا المستوى من البهدلة و الفقر ، يبدو أن الكاتب كان يحكي عن العراق قبل ثروة النفط ، كيف كان الدنيا رخيصة ، بل و فقيرة ، كيف كان الناس ينتظرون مجلات المصور و آخر ساعة و الكواكب ، القادمة من القاهرة ، كيف كانوا يعلقون صورة الملك فاروق و النقراشي و الملك فؤاد و غيرهم على جدران دكاكينهم ، كل ذلك و هم منبهرون ،و كأنهم يتعاملون مع مصر على انها بلد عجيب غريب في كوكب آخر
الراوي يتكلم عن الظلم الفادح الذي يتعرض له الناس بدون أن يقاوموا ، ليس ظلم السلطات ، و لكن ظلم الناس لبعضها ، هل من عادة العراقي الصمت و الصبر على الظلم؟ أم أن الجهل كان مسيطرا عليهم آنذاك؟ أيضا يحدثنا عن أبيه الفقير ذو النفس العالية ، يبدو دائما حازما هادئا واثقا من نفسه ، مع انه غلبان و يتجار في أشياء بسيطة ، و لكن السوق كله يحترم رأيه و كلمته
الراوي يتحدث عن اليهود في العراق ، و كيف هاجروا و تركوا بيوتهم و ممتلكاتهم طبعا في بيوت جديدة في فلسطين ، هو ايضا يتكلم عن المسيحيين و اشتراكهم مع المسلمين في عادات و تقاليد كثيرة ، و لكني لم أقرأ كلمتي سني و شيعي في الرواية على الإطلاق ، يبدو أن المسلمين تفرقوا بعد تاريخ أحداث الرواية
تعجبت كثيرا من عاطفة العراقيين ، الأبطال في الرواية دمعهم سائل طوال الوقت ، و يتأثرون تأثرا شديدا بفقد أحد المعارف او الأقرباء ، هم ايضا ودودون جدا ، يفعلون الخير بلا حساب ، و يكرمون ضيوفهم و جيرانهم حتى مع انهم فقراء ، هل مازالت هذه العادات موجودة هناك؟
ميريت عادة لا تنشر لكتاب عرب ، هي دائما تنشر لمصريين معظمهم شبان ، و القليل منهم أصحاب تجارب سابقة في النشر ، قرأت اسم محمود سعيد لأول مرة على غلاف هذه الرواية ، و تعجبت عندما تصفحت الرواية و علمت ان كاتبها عراقي و أن احداثها تجري في العراق ، هي خطوة جميلة من ميريت ، يجب أن تتكرر مع كتاب عرب آخرين |
لمحمود سعيد أيضا رواية صدرت العام الماضي ضمن سلسلة روايات الهلال، عنوانها : أنا الذي رأى
يحكي فيها عن تجربة اعتقاله في فترة حكم صدام حسين . كتبها في العراق بعد الافراج عنه، وهربها لخارجه وحاول نشرها، وهو يحكي تفاصيل ذلك التهريب ومحاولاته لنشرها في القسم الاخير من ا لرواية
http://www.jozoor.net/main/modules.php?name=News&file=article&sid=59