بداية المكتبات عندي قديمة ، و الى حد ما عبيطة ، اول ما اشتريت كانت الحرافيش من رجل يفرش بضاعته على الرصيف في شارع ابراهيم اللقاني "روكسي" ، لا اذكر غير الحرافيش ، ربما اشتريت كتاب اخر لنجيب محفوظ ، وقتها كنت بدأت المرحلة الكبرى من القراءة ، نجيب محفوظ و جيله من الكتاب ، بعد ان اصابني الملل من نبيل فاروق و سلسلة أولادنا بتاعة دار المعارف ، بقيت فترة طويلة متقلبا لا اعرف مكتبات في مصر غير مكتبة الرصيف ، و مكتبة اخرى بجوار سينما روكسي ، و كان العاملون بها من اغلس خلق ربنا ، "عايز حاجه يا كابتن" كان شعارهم الدائم ، من وقتها تعلمت الغلاسة مع موظفين المكتبات في مصر.قبل ذلك كنت اعيش في الرياض ، و كان مفهوم المكتبات في الرياض مختلفا قليلا ، اذكر مكتبتان شهيرتان "العبيكان" لم اكن احبها ، "جرير" كنت ازورها اسبوعيا ،
جرير مكتبة اقل ما يقال عنها ضخمة ، الدور الأرضي مخصص للمجلات و الصحف و الدوريات ، بالاضافة الى انواع مختلفة من الأقلام و الأوراق و الأدوات المكتبية
"سمير وعلي يعني" ، الدور الأول مخصص للكتب ، تخيلوا معي مبنى بنفس مساحة جنينة مول ملئ بالكتب ، هنا انت في حاجة لمن يرشدك ، و لكن لن تجد من يساعدك
على ايجاد أي شيء ، ربما هي سياسة متعمدة من ادراة المكتبة لتصفية جيوب مدمني الشراء.تعبت كثيرا حتى علمت بوجود مكتبة اسمها "مدبولي" و بالتالي طبعا عرفت "الشروق" امامها تماما ، الشروق تتبع نفس سياسة جرير ، مع فارق ان الموظفين هناك
على درجة ممتازة من الكاّبة ، و لكن بالامكان طلب المساعدة منهم في أي وقت ، بعكس السادة العاملين في مدبولي ، وقتها كانت مدبولي تعرض المجلات على الرصيف ،
مصحوبة باثنين من وحوش المكتبة ، مهمتهم الوحيدة هي الصياح "أيوه" كل خمس دقائق ، في البداية لم افهم لماذا يكررون كلمة ايوه بدون سبب ، بعد دقايق فهمت انها
لابعاد المتطفلين او ما اسمهيم سارقو العناوين ، أما اذا دخلت الكتبة فلا توجد فرصة للهرب ، سيلصق احدهم بك مبديا اكبر مقدار ممكن من الغلاسة ، اما ان تخبره عن طلباتك
أو تضطر لترك المكتبة غير مأسوفا عليك.بعد ذلك اكتشفت مكتبات الهيئة ، هناك فعلا مجموعة من الدرر داخل هذه المكتبات ، كل ما عليك البحث بهدوء و روية ، و زيارتها كل اسبوع أو اثنين ، الغريب انك ستجد دوما
كتبا جديدة ، في الواقع ليست جديدة ، و لكنها مركونة في المخازن فترة طويلة في انتظار من يفرج عنها ، العاملين هناك يتميزون بمقدار غير طبيعي من اللامبالاة ، بمجرد أن
تسأل عن أي كتاب ستجد شلالا من الردود "الكتاب موش موجود" أو "خلص و موش هايطبع تاني" أو "ممكن تلاقيه في المخزن اللي في الهرم" ، و احقاقا للحق
كان هناك بعض العاملين الشبان في قمة التفاني و ابداء الرغبة في المساعدة ، خصوصا مع بداية مكتبة الأسرة و زيادة الرجل على مكتبات الهيئة ، مجموعة اخرى من
الموظفين ارزقية كما احب ان اسميهم ، يشترون الكتب مع اول نزولها السوق بتخفيض خاص لهم ، على اساس انهم موظفون في الهيئة ، و بعد عدة شهور و بعد شح الكتاب
في السوق يقومون باخراج النسخ "المتسقعة" ليبيعوها اغلى جنيهين أو ثلاثة من ثمنها الأصلي ، بهذه الطريقة اشتريت الأغاني و النجوم الزاهرة ، و الكثير من كتب التراث
اثناء فترة حبي لتراثنا العربي.قديما كان هناك ما يسمى "سور الأزبكية" سوق التلات الخاص بالكتب ، او سوق الرصيف بمعنى اصح ، قامت الحكومة بنقله الى الباطنية في وقت من الأوقات و لما
اشتكى الناس من النقل قامت الحكومة ببناء اكشاك صغيرة بالقرب من مسرح العرائس بالعتبة ، خصصت لكل تاجر كشكا ، و تم افتتاح سور الأزبكية الجديد ، بعد فترة من
الافتتاح عرفت من احدهم انه يقوم باستئجار احد الأكشاك ب 600 جنيه شهريا ، و أن الكشك ذي الموقع المتميز يصل ايجاره الى 600 جنيه شهريا ، هذا الكلام سنة 2001
الله أعلم كم ثمن الكشك الان ، احيانا اجد ان اسعار بعض الكتب في السور أغلى من سعرها في المكتبات العادية ، مما يدل على أن مستأجرى السور الحاليين ليسوا تجار كتب
في الأصل ، و لا يعرفون كيف يتم تسعير الكتاب ، مما أدى في النهاية الى قرفي من سور الأزبكية الجديد.هناك بالطبع معرض الكتاب ، الشهير بمعرض الشاورما ، لان سندوتشات الشاورما المباعة فيه اكثر من الكتب بكثير ، كل عام اقوم بزيارة المعرض ، و أعتبر الزياره بمثابة
نزهة انسى فيها المشاكل و فرصة لتضييع الفلوس في اوراق مليئة بالحبر .منذ فترة قليلة جدا قرأت عن مكتبة ديوان بالزمالك ، انا من ابناء مصر الجديدة و نحن "أبناء مصر الجديدة" نعتبر ما وراء النهر محافظة اخرى يلفها الغموض و نكره شد
الرحال اليها الا في حالة الهروب من كارثة كونية لا قدر الله ، و لكن الرغبة في المعرفة عندي تغلبت على الخوف من الأدغال ، و قمت بزيارة قصيرة لمكتبة ديوان تكلمت عنها هنا .

هل تعرفون مكتبات اخرى مميزة في القاهرة؟