Sunday, September 04, 2005
جسدي سلاحا


بمناسبة التفجيرات و الاعلان عن المسؤوولية اقرا الان كتابا بعنوان جسدي سلاحا ل كريستوفر رويتر يتكلم فيه عن التضحيات الجسدية الاسلامية
البداية أثناء الدولة السلجوقية حينما جمع حسن الصباح مجموعة من الشباب في قلعة الموت بايران و دربهم على عمليات الاغتيال السياسي ، و ما يتعلق بها من اتقان التنكر و التخفي حتى الوصول الى الهدف ، ثم فعل شيئا عجيبا
كان يسقي تلاميذه الحشيش حتى يفقدوا وعيهم ، و ينقلهم الى مكان قريب من القلعة و عندما ينتهي مفعول الحشيش و يصحو التلميذ أو الفدائي ، يجد نفسه في مكان ملئ بالخضرة و الأشجار ، عن يمبنه جدول صافي و عن شماله عشرات الفتيات الجميلات
انها الجنة
كانوا يقضون وقتا ممتعا مع الفتيات اللاتي تم تدريبهم على فنون الجواري في تلك الأيام ، و بعد فترة قصيرة يتم اعطائهم جرعة اخرى من الحشيش حتى يفقدوا وعيهم مرة اخرى ثم ينقلون الى القلعة ، و هناك يعلن لهم الصباح انه نقلهم الى الجنة
بعد ذلك يأمرهم بتنفيذ مهمات مختلفة معظمها قتل سياسيين و وزراء مناوئيين للصباح ، كان القتل هنا يعتمد على تخفى الفدائي في زي أحد تابعي الوزير ، و عند الاقتراب منه يقوم باغتياله بخنجر مسموم ، و لا فرق عنده اذا تم قتله أم لا ، بالعكس ، اذا قام الحرس بعد ذلك بقتل الفدائي فهو بالتأكيد ذاهب الى الجنة بلا حساب ، هكذا قال حسن الصباح
استمرت عمليات الحشاشين و هو اللقب الذي اطلقه عليهم أعداؤهم فترة طويلة ، و فشلت كل محاولات الحكام المسلمين في ذلك الوقت للقضاء عليهم و احتلال قلعة الموت ، حتى كانت نهايتهم على يد هولاكو
الوضع متشابه تماما ، فحسن الصباح هو صورة لاسامة بن لادن ، الأول "ينقل" الفدائيين الى الجنة ، و الثاني يعدهم بها فقط ،الاثنان معزولان عن العالم في مكان يصعب الوصول اليه ، الكثيرون حاولوا القضاء على الاثنين ، و لكنهم لم يفلحوا
مؤلف الكتاب يتحدث بعد ذلك عن فدائيي ايران اثناء حربها مع العراق ، و كيف كان القتلى بالالاف في بعض الأحيان ، ايضا يتحدث عن عمليات حزب الله في لبنان في الثمانينيات ، و عمليات الفلسطينيين الان ، يبدي المؤلف اعتراضه على كل ما سبق ، و لكنه يتعاطف مع الفلسطينيين بحذر
خلال الكتاب يحاول المؤلف ان يفهم كيف يقوم احدهم بتفجير نفسه؟ من أجل الحور العين في الجنة؟ من أجل الوطن؟ من أجل الدين؟ تبدو كل هذا الأسباب سطحية و واهنة ، و ينتهي الكتاب بدون الاجابة على السؤال
اظن أن السبب هو مجرد الرغبة في الاستشهاد ، في رواية باودولينو ل امبرتو ايكو يصل البطل في نهاية الرواية الى بلد في اخر قارة اسيا ، يجد سكانها متعددي الأعراق و الأجناس ، بل بينهم مخلوقات عجيبة استوحاها الكاتب من التراث العربي حتما ، أحد تلك الأجناس هم النوبيين ذوو البشرة السوداء ، هؤلاء هم أكثر المقاتلين شجاعة ، لا يهابون شيئا و لا يفكرون في التراجع او حتى التردد امام العدو ، و غاية أمانيهم أن يموتوا في ساحة القتال ، التشابه هنا وضح بين النوبيين و بين المسلمين ، يقرر البطل أن يكون هؤلاء النوبيين هو خط الدفاع الأخير ضد جيش الهون البيض الغازي للمنطقة ، و فعلا تجري الصفوف في شجاعة غير متوقعة نحو العدو ، و حينما يصلون أمام العدو تماما ، يسجد كل منهم أما احد جنود العدو و يرجوه ان يقطع رأسه ، يرجوه أن يقتله ليموت شهيدا ، الكوميديا هنا قاتلة ، الكاتب يسخر سخرية مرة من فكرة الشهادة ، و أنها أصبحت طلب الجندي الأول ، فالنصر غير مهم ، و ايه يعني لو خسرنا المهم أن نموت شهداء
يبقى أننا قدمنا للعالم كلمة جديدة ، كلمة حشاشين استخدمها شكسبير لأول مرة حينما أراد أن يصف الاغتيال ، القتل العمد ، أو القتل مع سبق الاصرار و الترصد ، فحولها بكل بساطة الى
assassins
، و المستخدمة الان لوصف الاغتيال السياسي
أكثر ما أثار غضبي في الكتاب تعليقات المترجمة الكثيرة ، د فاطمة نصر مترجمة قديرة ، و لكنها هنا أخطأت عندما قامت بتكذيب و تغليط كل فكرة من أفكار الكاتب ، و كأنها ترجمت الكتاب لتعلق عليه ، هذا غير الترجمة الغريبة للعنوان ، و تغيير غلاف الكتاب الأصلي الى غلاف سيريالي يليق بكتاب خيال علمي
للمزيد من القراءة عن الحشاشين: الموت ل فلاديمير بارتول ، الحشيشية ل برنارد لويس
العنوان الأصلي للكتاب
My life is a weapon : A modern history of suiside bomboing
العنوان المترجم : جسدي سلاحا : انتحار أم استشهاد رؤية غربية
ترجمة د فاطمة نصر
اصدارات سطور 2005
posted by ربيع @ 9/04/2005 08:45:00 PM  
1 Comments:
  • At 3:12 PM, Blogger Prometheus said…

    رائع يا ربيع وجهد ممتاز تشكر عليه
    يبدو ان الكتاب يستحق القراءة فعلا واتمنى ان اعثر عليه
    تحياتي

     
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker