Monday, September 12, 2005
تحطيم الأصنام

المكسب الحقيقي في الانتخابات السابقة هو قدرتنا على تحطيم الهالة المقدسة حول منصب رئيس الجمهورية ، اليوم كنت اتحدث مع احد أعضاء الحزب الوطني ، و لأني مقاوح كان الرجل هادئا معي اثناء حديثه ، الفكرة العامة ان مبارك يريد ان تكون مصر أفضل بلد في العالم ، و لكن الرشوة و الفساد و المحسوبية المنتشرة بين الناس هي أسباب فشل حكومات الحزب الوطني المتعاقبة ، بصراحة كنت موافقا لرأيه في أن الناس "نحن" يتحملون جزءا ضخما من مسؤولية فساد الادارة في هذه البلد ، و ضربنا مثلا العديد من الوزراء الناجحين قبل الوزارة و أثنائها ، و لكن المصائب تحدث فقط للوزير المتميز و الناجح ، أشهرهم أحمد رشدي ، و هناك أيضا ابراهيم الدميري ، و اخرهم المغربي رجل الأعمال الناجح وزير السياحة الفاشل نسبيا ، كان رأي ممثل الحزب أن كل هؤلاء يريدون نجاحا فائقا لوزاراتهم ، و لكن موظفوا الوزارة يتعمدون افساد مخططات الوزير ، بحكم سيطرتهم التامة على الوزارة ، و هو ما حدث على نطاق صغير حيث قام بعض عمال الطباعة في مطابع الهيئة العماة للكتاب بحذف أجزاء من روايات وجدوا أنها لا ترضى أذواقهم ، قلت له أن الوزير من المفروض أن يكون له صلاحيات اقالة من يراهم عقبة في طريقة ، و أن رئيس الوزراء عليه التصديق و مساعدة الوزراء على مثل هذه القرارات ، و لا أذكر رده على هذه النقطة ، و أظن انه لم يرد أصلا
منذ عدة سنوات كانت فكرة ان رئيس الجمهورية شخصية طيبة تريد الخير لمصر و لكن يأبى ذلك المرتشون و الفاسدون ، كانت فكره غائبة عن الناس تماما ، كان مبارك قدرنا المحتوم ، و نحن لم نتكلم عن طول مدة رياسته الا مع الاستفتاء السابق منذ خمس سنوات ، و لم نتكلم عن التوريث الا قبل سنتين أو ثلاثا من الان ، و قبل الانتخابات قامت صحف اسبوعية كثيرة بعمل تحقيقات و نشر مقالات تتحدث عن التوريث في مصر ، و تم جمع المقالات في كتابين ، "جمهوركية ال مبارك" ، ذو الغلاف التهكمي على الرئيس ل محمد طعيمة ، و الاخر "ضد الرئيس ل عبد الحليم قنديل ، و بالتأكيد كانت تلك المقالات سببا مباشرا لكسهر هالة القداسة
أحد الأسباب بلا شك ما حدث في فلسطين اثناء الانتفاضة الثانية ، أقول هنا الثانية لأن الأنتفاضة الأولى لم تؤثر مثل هذا التأثير على المصريين ، وقتها في اواخر الثمانينيات كانت بلدنا في حالة سكون ، و مع أن المناظر التى نقلتها عدسات التلفزيون وقتها - لم يكن هناك ستالايت - كانت مؤلمة أيضا ، الا ان المصريين لم يتأثروا كثيرا ، ربما لأن فرحتنا بعودة سيناء كاملة كانت طازجة ، أو أننا كنا مازلنا نذكر فترة المفاوضات و الحروب الطويلة مع اسرائيل ، مما جعلنا نغض الطرف قليلا عن أحداث الانتفاضة الأولى ، هناك سبب اخر لغضب المصريين في عام 2001 ، المسجد الأقصى ، مع الوقت فهم الفلسطينيون أن لا العروبة و الجيرة قد تكون سببا لدعم جيرانهم العرب لهم ، و مع الوقت اكتشفوا الكنز السحرى ، المسجد الأقصى ، و خلال فترة التسعينيات كاملة استطاع الفلسطينيون ، عبر و سائل الاعلام و السجاجيد الصينية التى تحمل صورة قبة الصخرة ، و عبر مجموعة ضخمة من الكتب و المقالات ، من ترسيخ مبدأ أهمية المسجد الأقصى للمسلمين ، و أنه "أولى القبلتين و ثالث الحرمين الشريفين" و ان الحائط ليس حائط المبكى و لكن حائط البراق - من يزور التاريخ الان؟؟- كان المسجد الأقصى هو الجواد الرابح ، فمن من المسلمين لن يسعى لتحريره ، و حتى اذا فشل و مات اثناء تحريره فانه سيموت شهيدا و يدخل الجنه ، بعكس المرات السابقة ، فمن يموت في سبيل العروبة ربما دخل الجامعة العربية ، و لكن بالتأكيد لن يدخل الجنه ، و هكذا تحول حق الفلسطينيين المدني في الأرض ، الى حق المسلميين جميعا في المسجد الأقصى ، و كلنا نعلم أن رد فعل الحكومة المصرية المرتبطة بتفاقية سلام مع اسرائيل هو الصمت ، و هو كا أشعل مشاعر الغضب في قلوب المصريين الراغبين في تحرير القدس ، و قام الفلسطينيين بدون قصد بتكسير الهالة عن رئيس الجمهورية في مصر
11/9 اليوم الفاصل في تاريخ العالم كان بالتأكيد سببا ، ربما قال الأمريكان في سرهم ، كيف لم تسيطر الحكومة المصرية على هؤلاء البهايم ، و الحق أن مبارك كان على صواب حينما تنبأ أن دولا غربية ترعى من كنا نعتبرهم ارهابيين و تعطيهم حق الجوء السياسي ، أن هذه الدول ستكون معرضة لنيران من يرعونهم ، و لكن هذا التنبؤ لم يشفع لأي أحد ، كان الرد شديد العنف من ناحية الادارة الأمريكية ، سواء على أفغاتستان أو العراق من الناحية العسكرية ، أو على السعودية و سوريا و مصر من ناحية تحقيق معدل أعلى من الديمقراطية ، و كان خضوع القيادة في مصر لمثل هذه الضغوط سببا في كسر هالة القداسة
كفاية كفاية كفاية ، بدون أي أهداف سياسية أو أي مطالب سوى "كفاية" لفتت حركة كفاية الأنظار بشدة ، مجموعة صغيرة تقوم ببعض المظاهرات الصغيرة المصحوبة بالضرب من حين الى اخر ، كانت أحد الأسباب بالتأكيد ، ما أذهل المصريين الجرأة البالغة ل "الكفايين" كذلك عدم وجود من يمكن التشهير به من الكفايين ، كلهم ناس عاديه من الشارع مثلي و مثلك ، كيف يمكن أن تشهر الحكومة بأفراد عاديين مثل هؤلاء؟ ، اكتسبوا تعاطف البلد كلها لشجاعتهم ، و لهم دور كبير في تحطيم قداسة الرئيس
تأتي نسبة المشاركة المحدودة ضربة قاصمة للحزب الوطني ، و دلالة على سلبيتنا جميعا ، و طز في الانتخابات حتى لو كانت انتخابات رئاسية ، و هو ميراث سنوات طويلة من بهدلة العاملين بالسياسة و أهلهم ، بدأها عبد الناصر و استمرت حتى الان
posted by ربيع @ 9/12/2005 04:42:00 PM  
0 Comments:
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker