عزيزي مينا كل سنة و انت طيب .
اليوم سمعت عن أحداث مؤسفة في الاسكندرية ، احدهم قتل مسيحيا كان منتظرا أمام الكنيسة ، شاهدت صورة ابن القتيل و هو في حالة غضب ، كالعادة تخيلت أحدهم يقتل أحد أقربائي و هو خارج من المسجد ، حزنت كثيرا بعدما قرأت رد فعل الناس على أحد
المدونات ، حزنت أكثر لأني لن أستطيع عمل أي شيء.
أتذكر يوم كنا نتحدث عن الانتخابات الرئاسية ، و كلامك بأن مبارك هو أفضل من يحكمنا ، و كلام الكثير من الأقباط المماثل لكلامك و أن اللي نعرفه أحسن من اللي مانعرفوش ، و أتذكر بعجب كيف أنك راض عن تولي جمال مبارك للحكم بعد أبيه ، أتذكر أيضا رأيك الغريب في أحقية اسرائيل لبعض الأراضي الفلسطينية.
أتذكر كل هذا و أحاول أن أجد مبررا لهحوم اليوم ، هل رأيك المعارض دوما لرأي الأغلبية هو السبب؟ لا أظن فكلنا نعرف السبب ، و لكن أليس من حقي أن أعتب عليك قليلا؟ ألا ترى أن المتشددين على الجانب المسيحي أكثر منهم على الجانب الاخر ، أعلم ردك مسبقا ، فكلنا نرى المسيحيين على خطأ ، و لكن ألا ترى أنكم ايضا ترون أننا على خطأ؟ ، أسأل نفسي أيضا لماذا نغضب هكذا حينما نناقش مثل هذه المسائل ، بل لماذا نرى عيوب غيرنا و لا نرى عيوبنا ، هل تذكر النقاش الطويل حول كيفية تحول المسيح الى اله؟ كنا في الكلية وقتها و ثار النقاش طويلا بين مسيحي و مسلم ، و كان رد المسيحي دبلوماسيا للغاية ، بينما كنت سأرد لو كنت مكانه بالسؤال عن حوادث مثل الاسراء و المعراج و شق موسى للبحر.
هل نرد العنف بالعنف؟ أم يجب علينا أن نهادن و نستسلم؟ هل الجميع في جانب واحد؟ هل يرى المسلمون أن الهجوم الأخير على كنائس الاسكندرية حلال بل و مرغوب؟ أم يرى بعضهم ذلك؟ أم يرى كلهم عكس ذلك؟ و بالمناسبة هل ستتحرك كتلة الاخوان في البرلمان لتأمين دور العبادة في مصر؟ هل سيمشى البودي جارد مع رجال الدين من الان فصاعدا؟ ، التعليقات التي سمعتها من المسلمين حتى الان لا تدين الفعل على الاطلاق كلها حيادية وملساء و ناعمة و زلقة و رطبة و ثعبانية ، تعليقات يهود ، تعليقات ناس تعودوا على المراوغة .
"دول كانوا زمان مابيفتحوش بقهم ، بس دلوقتي امريكا معاهم"
"يا اخي موش كفاية مسيطرين على اقتصاد البلد؟"
"شوف كل دكاترة الصيدلة مسيحيين ، عشان يتحكموا في الدوا و العلاج"
"يا عم دول موش بيبنوا كنايس دول بيبنوا قلاع ، الحيطان بيصبوها خرسانة مسلحة بدل الطوب ، عشان ماحدش يعرف يهدها"
"اصلا دول دخلاء علينا ، احنا الأصل"
"ماهو اصلهم بيدوا دروس في الكنيسة ، يخلوا الطلبة تدخل تسمع الاجابات في الورقة"
"بس ادارة الكلية جدعة ، فاكر لما مارضوش يعينوا بيتر معيد؟"
"و ايه يعني حد الزعف ده كمان؟"
"و ايه الزعف ده بيعملوا بيه ايه؟"
"قال يعني هي دي صورة العدرا و صورة عيسى؟"
"و الله الواد رامي ده طيب و مؤدب ، بس خسارة مسيحي"
"مؤدب ايه ياعم ده خبث انت موش واخد بالك"
"و الله الواد رامي ده طيب و مؤدب ، بس يا خسارة الصيام الكتير ده موش هاينفعه"
بينما التعليقات المنشورة هنا في المدونات تختلف تماما ، هل هو نفاق؟ مزايدة؟ هل المدونون متحضرين زيادة عن باقي الشعب؟
كيف سنحل الأزمة يا مينا؟ هل يلزمنا حرب أهلية كما حدث في لبنان و كما يحدث في العراق لندرك مدة أهمية كل طرف للاخر؟ هل سأموت يوما و أنا أواجهك يا مينا؟
ألم نذاكر معا؟ الم ننجح معنا؟ و لكن اليوم أنا الغلطان ، ليس لأن أحدهم فعل كذا و كذا ، بل لأني لم أبذل مجهودا لمنعه ، سمعت بأذني التحريض و لم أتكلم ، رأيت بعيني سوء المعاملة و لم ادافع ، حينما كنت أصحح غلطة املائية في شهادة ميلادي فوجئت بسيدة قبطية تحتوي شهادة ميلادها على 15 خطأ املائيا ، هل هي صدفة؟ و كان الموظف متعاونا تماما فأبلغها أن الحل لا يوجد في العباسية بل في باب الخلق ، أخبرته بكل هدوء أنها لن تصحح الخطأ ، ستبقى الشهادة كما هي .
الكثير و الكثير من الحكايات التي تظهرني مخطئا ، و مثلها تظهرك مخطئا ايضا ، متى سنسامح بعض ؟ هل سأتمكن من النظر في عينك بعد اليوم؟ هل سنلقى النكات سخرية من الشيوخ المتشددين و من القساوسة المجانين؟
لماذا هذا الصراع على الدين؟ المسلمون يرغبون في رؤية البشر كلهم مسلمين ، و المسيحيون كذلك ، و بالطبع يستلزم هذا القدح في عقائد الاخرين ، كلهم خكة الا أنا!!! ، و لكن لماذا ؟ هل نريد الجنة مزدحمة؟ هل نريد النار شاغرة؟
تخيل معي الموقف الكوميدي ، نحن نؤمن بأنكم خاطئون و أن الهكم خيالي ، و انكم ستدخلون جهنم ، أنت تؤمنون بأننا مؤخطئون و بأن النبي محمد كان يهلوس و يؤلف القران ، و أن مصيرنا و مصير نبينا جهنم ، (انظر الكوميديا الالهية) ، من منا على صواب ؟ ، و كيف يتمكن المصيب من اقناع الاخر ، ربما اذا اقتنع طرف بالاخر تنتهى المأساه ، و بعد ذلك بالطبع تظهر التحزبات داخل الدين الواحد ، بل داخل الحزب الواحد ، اليس الاختلاف حق لنا جميعا؟
اقترح أن تقوم الحكومة بالغاء الاختلاف ، و نبدأ بالأسماء ، فلنسمى كل الذكور باسم واحد ، و الاناث...، لا فلنسمى كل المواطنين بأسم واحد ذكورا و اناثا ، ثم نجري عمليات تجميل للكل ، لكى نصبح متماثلين حتى في الشكل ، سنجري أيضا عمليات تجميل للاصابع ، حتى تصبح كلها في طول متساو و شكل موحد ، حتى نلغي المثل الشعبي الغبي ، ايضا سنقوم بتوحيد الكلمات و اختصارها الى كلمة واحدة تحتمل كل المعاني ، سنتعلم كلنا تعليما متماثلا ، و نتخرج في كلية واحدة لنعمل عملا واحدا .
بعد ذلك سيظهر أيضا مختلفون ، قلة منحرفة و مختلة عقليا ، سيحاول أحدهم اغتيال الرئيس ، الاخر سيفجر اتوبيس سياحي ، ثم ياتي احدهم ليحمل سيفا و يركب عصاية مقشة و يدور ليطعن كل من يقابله من "المختلفين" ، ساعتها ستقوم الحكومة بقتل كل هؤلاء ، لتحافظ على بلدنا موحدة ، متماثلة .
عزيزي مينا كل سنة و انت طيب .
عزيزى ربيع
للمره الولى اشغر بالاحترام الحقيقى لك ولافكارك!!فلقد لحظت تحيذك ضد بعض الافكار فى مقالات سابقه!!!ولكنك الان تبدو اكتر حياديه وموضوعيه !!!وانا اويدك فى كل ماقلته....رحمنا الله اجمعين وشكرا