Saturday, May 27, 2006
شهدي و شرقاوي
لا أذكر أول مرة قرأت عن شهدي عطية الشافعي ، ربما من عشر سنوات أيام العطش المستمر للقراءة ، شهدي كان قياديا شيوعيا كبيرا ، صاحب مكانه كبيرة و مستوى اجتماعي عالي ، تم القاء القبض عليه في عام 1959 و تم نقله من معتقل الى اخر ، في النهاية استقر في معتقل ابي زعبل ، و قتل هناك تحت الضرب.حسب وصف صنع الله ابراهيم كان شهدي ضخم البنية قويا ، و ربما كان هذا ما اغرى العساكر بزيادة جرعة الضرب مع شهدي بالذات ، و لكن يبدو ان لكل جسد طاقة لا تلبث ان تنتهي ، في حالة شهدي انتهت الطاقة سريعا ، بالطبع لا يوجد وصف تفصيلي للحفلة التي أدت الى وفاة شهدي ، فقد كانت حفلة خاصة ، و لكن هناك وصف لحفلات الضرب الجماعي اثناء دخول المعتقلين الى المعتقل ، سنجدها متفرقة في كتابات محمود أمين العالم و السيد يوسف و فتحي عبد الفتاح و رفعت السعيد و صنع الله ابراهيم و غيرهم كثيرون
أول ذكرياتي عن التعذيب كانت من خلال فيلم احنا بتوع الاتوبيس ، منعني أبي بلطف من مشاهدة الفيلم ، ربما كنت صغيرا وقتها و اعتقد هو اني لن افهم ما يحدث ، ليته تركني اشاهد الفيلم ، فحتى الان لا اجد القدرة على مشاهدته ، ربما الخوف من الاشياء في الصغر لا يغيره شئ ، عندما كنا صغارا كنت اشاهد فيلم البرئ مع أحد أصدقائي ، في وسط الأحداث سأل صديقي والده "هما بيعملوا كده ليه؟" يقصد تعذيب المعتقلين ، بالطبع لم يجد أباه اجابه مقنعه ، و حتى الان لا أستطيع أن أجد أنا اجابه مقنعة ، ربما الأشخاص مثل اسماعيل همت الاسطوري لهم أسبابهم ، الاستمتاع بتعذيب الاخرين ، الرغبة في الشعور بالسيطرة ، ربما هما أحد الأسباب في أفعال اسماعيل همت ، بالطبع أذكر فيلم الكرنك ، و أفهم تماما مبررات اغتصاب المخبر أبو شنب لسعاد حسني ، فالسادي قد لا يصل الى النشوة اذا جارته شريكته في المتعة ، أخيرا هناك فيلم لا أذكر اسمه ، و لا أذكر الا مشهدين منه ، احدهم للعسكري المتخصص في التعذيب "أحمد ماهر" و هو يبلغ الضابط أن المتهم اصبح كالعجينة و أنه انتهى من تربيته ، اللمشهد الأخر للمتهم "المتربي" و هو يدخل بيت العسكري المريض ليعالجه ، و بالطبع يتشنج محيي اسماعيل بطريقته المعروفة عندما يتعرف على جلاده مريضا ، ما يرعبني في هذا الفيلم اشارته الى حدوث اعتداء جنسي للمعتقلين ، كان هذا مع بداية اكتشاف الجنس ، تخيل مراهق يتعلم كيف أن الجنس قد يصبح وسيلة للتعذيب
بعد وفاة شهدي علمت زوجته بالأمر بسرعة ، و استطاعت نشر نعي لشهدي في الأهرام ، و قتها كان عبد الناصر في يوغسلافيا ، و دعاه تيتو لحضور مؤتمر ما ، و في الجلسة وقف مندوب يوغسلافي و وجه التحية الى ذكرى الشهيد الذي قتل تحت التعذيب في مصر ، طبعا كانت صدمة لعبد الناصر ، و عندما سأله أحد الصحفيين عن التفاصيل انكر ، و اعلن ان من يخالف القانون يحاكم محاكمة عادلة ، بعد ذلك أبرق الى مصر يطلب وقف التعذيب و التحقيق في الموضوع
اليوم قرأت ما كتبه شرقاوي ، اعبتني صراحته كثيرا ، اعترافه بالشعور بالخوف ، اعترافه بتعرضه للاعتداء ، خوفه على والدته و محاولة كسب تعاطف معذبيه بذكره لها ، كل هذه الصراحة تجعلني احزن كثيرا ، أشعر أنه أشجع مننا جميعا ، نحن الخائفون و نحن المغتصبون ، نحن خولات البلد نأكل و نشرب و نشخ و نستمني ثم ننام كالبهايم
هل نحن في حاجه الي شهدي اخر لوقف التعذيب؟
posted by ربيع @ 5/27/2006 09:17:00 PM  
1 Comments:
  • At 1:04 AM, Blogger ahmad said…

    شرقاوي لم " يهتك عرضه" كما تقول الصحف ، و المدونات ، بل أصبح واحدا من أشرف رجال هذا البلد ، لا يحزن ، نحن الذين لا بد أن نخجل ، لأننا لم نستطع بعد إيقاف هذا الطغيان ... لا احيي شرقاوي ، و لكن أعتذر له....

    .... قرأت أن عبد الناصر حينما كان في مؤتمر للبلدان الإشتراكية في التشيك أعتقد ، فوجيء بأن افتتاحية المؤتمر ان وقف المئات دقيقة حدادا على وفاة " المناضل" شهدي عطية في سجون مصر ... قيل أن عبد الناصر لم يشاهد أكثر رعبا و خجلا عن هذه اللحظة ...

    عقبال الراجل بتاعنا

     
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker