Friday, October 06, 2006
حول تحريم الحلبسة
منذ أول أيام الشهر ، و كلما سألت في أي مقهى عن الحلبسة يكون الرد بالنفي ، هما حرموا الحلبسة و انا ماعرفش؟؟؟ و لما دورت كويس عرفت السبب

و كانت الشكوك تدور حول الحلبسة منذ فترة ، فقد أعلن الشيخ محمد حسين أن الحلبسة قد تسكر اذا شرب المرء منها الكثير ، و عارضه في ذلك الشيخ حسن العواجي ، و الشيخ محمود الفارسي ، و الشيخ محسن عبدالله ، و لكن حادثة القلعة الشهيرة أكدت اراء الشيخ محمد حسين ، فقد ثار أحد السوقة ثورة عارمة في الأزبكية ، و مشى في طريقه و هو يضرب من حوله و يكسر من الدكاكين الكثير ، و لم يقدر أحد على ردعه ، حتى وصل الى القلعة ، فتجرد من ملابسه بالكامل و أخذ يتبول على سور القلعة في منظر تعافه النفس الكريمه ، ثم ان رجال الدرك كبسوه ثم حبسوه ، و لما استجوبوه اعترف بأنه أكثر من الحلبسه ، و أكثر فيها الشطة و الكمون ، حتى أصابه ماأصابه ، و أعلن ندمه و توبته ، و قال : لقد أصاب الشيخ محمد حسين حين حذر من الحلبسة و مصائبها.
بعدها بدأت حمله جادة لمنع الحلبسة من الانتشار ، فقام الشيوخ على المنابر بتحذير الناس من الحلبسه و مضارها ، و قام المجاورون في الأزهر بحملات واسعة على محلات الحلبسه ، و على المقاهي و الدكاكين التي تبيعها ، و كانوا يطلبون من الدكاكين عدم بيعها بالحسنى في البداية ، و عندما يصر صاحب المكان على البيع فانهم يبدأون في مضايقته و مضايقة زبائنه ، و ربما وصل الأمر الى تدمير دكانه أو حرقه ، و بالطبع حدثت مناوشات كثيرة بينهم و بين رجال الدرك ، و لكن خوف الباشا منهم و من شيوخهم كان دائما يمنعه من البطش بهم .
حتى اتى الطبيب الشهيرابن المساك ، و كتب مقالة في الحلبسة هذا جزء منها :

"و قد عدد القدماء فوائد الحلبسة ، فقالوا انها مفيدة للرئة تنقيها و تزيل عنها
الشوائب و ما دخل اليها من الغبار الدقيق ، و قالوا أنها تنفع الكلى و تنشطها ، و
تضبط المعدة المضطربة ، و تزيل الصداع و الشقيقة ، و تذهب بألم العين ، و لذا فقد
شربها الخطاطون و النقاشون ، كما أنها تذهب البرد ، و تنفع في رد أذى الشتاء
أما
ما قيل عن حرمانيتها فهو كلام باطل مغلوط ، فلا نعلم أن في جزيئات و مكونات الحلبسة
ما يسكر أو يذهب بالعقل ، و ربما صادف أن شرب أحدهم خمرا ثم أتبعه بالحلبسة فظن أن
الحلبسه هي ما أسكرته ، و ربما ضاعف أحدهم من كمية الشطة ، فتسببت في احمرار بياض
عينيه فظنه الناس سكرانا
و اللذين حرمهوا هم علماء و خبراء في الحلال و الحرام
، و ما أظنهم أخطؤوا ، أو جانبهم الصواب ، و انما هم مع علمهم بعدم الحرمانية
حرموها ، و ذلك لشغل بال الناس عن ما يحدث في البلاد من ظلم للعباد ، و الله أعلم"


انتشرت المقالة بسرعة كبيرة ، و أخذ الخطاطون و النساخون يعملون منها عشرات و مئات النسخ ، و ربما عملوا منها ما كتب بماء الذهب و بيع بأغلى الأسعار ، و بالغ البعض في الاهتمام بالمقالة فمنهم من علقها على جدار دكانه و بيته
و لكن علماء الأزهر لم يسكتوا فردوا على مقالة ابن المساك في أربعة و عشرين مقالة ، و ردوا عليه في خطبهم ، و تسربت أنباء أن الانجليز اعجبوا بشجاعة الطبيب و أنهم أرسلوا سفنا و جنودا لنصرته ، و كفره بعضهم و اخرجه من الملة ، و روى الكثيرون حديثا نبويا يلعن الحلبسة و شاربها و صانعها و زارع حمصها و حامل شطتها و طاحن كمونها
ثم ان المجاورين ثاروا و هاجوا و نقبوا دكاكين الحلبسه و أحرقوها ، و هدموا دور مصنعيها ، و احتلوا القاهرة مدة خمسة أيام ، فلا يخرج منها أحد و لا يدخل اليها أحد ، و الباشا جالس في القلعة يراقب و ينتظر
ثم عاد المجارون الى الأزهر هادئين مطمئنين ، فقد قتلوا ابن المساك و سبوا بناته و علقوا جثته ثلاثة أيام حتى أكلت العقبان منها ، و علموا أهل القاهره درسا لن ينسوه ، فخاف الناس و اقلعوا عن شرب الحلبسة ، و ان لعنوا المجاورين و من ساندهم ، و ربما تحرش بعض السوقة بشيوخ الأزهر ، و انتشر تجريسش الشيوخ بين الأطفال في الشوارع ، فقالوا شد العمة شد ، تحت العمة قرد ، و انتشرت الأمثال التي تسخر من الشيوخ ، فقالوا "اأشتري حمارة الفقي و لا تاخودش مراته" ، و هكذا ظلت العلاقة بين أهل القاهرة و بين المجاورين سيئة ، و ظل سكان القاهرة في كرب عظيم
posted by ربيع @ 10/06/2006 01:49:00 AM  
0 Comments:
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker