دأبنا دائما على ذكر مؤرخينا و شيوخنا و شعرائنا السابقين بالخير ، و مدحنا الحسن بن الهيثم و الخوارزمي و غيرهما ، ربما لأن القرعة تتعايق بشعر بنت عم اللي جابوا ام بواب البيت ، فنحن اليوم بين باقي الأمم لا رصيد لنا في العلم أو البدنجان ، فمن لنا غير السابقين نمدحهم و نعلى من شأنهم؟ قبل عدة أيام صدر كتاب جميل عن مكتبة الأسكندرية ، بتقديم من د سراج الدين مدير المكتبة و تحرير خالد عزب و محمد السيد ، اسم الكتاب مع ابن خلدون في رحلته ، يحكي الكتاب باسلوب بسيط و مشوق قصة حياة ابن خلدون ، يتكلم ايضا عن القاهرة و مبانيها و فنونها و مؤرخيها في ذلك الوقت ، طبعا الظاهر من الكتاب مدح ابن خلدون ، و لكنك ستقرأ الكثير عن ابن خلدون مما يشعرك بالقرف فهو أحد أفراد عائلة عريقة ، كانوا دائما يتملقون السلاطين و يعيشون على قفاهم ، حتى اذا ما تغير السلطان بدلوا ولاءهم للسلطان الجديد ، و هكذا كان عبد الرحمن بن خلدون ، متنقلا بين تونس و المغرب و الأندلس ، عارضا ولاؤه للبيع على كل صاحب سلطة أو حاكم ، و ربما عرضه على فلان ثم عرضه على خليفته الثائر عليه ، و لا أفهم كيف يقبل كل هؤلاء بمثل هذا المتلون و هم يعلمون انه انقلب على من سبقهم و ربما سينقلب على من سيليهم ، و لكن الحاكم الفاسد يتخذ دائما بطانه فاسده ثم حضر سيادته الى مصر و كان قد كتب تاريخه و مقدمته ، و هنا اقول انني اندهش كلما قرأت المقدمة ، فهي تؤسس لعلم الاجتماع بلا جدال ، و ربما كان وضع ابن خلدون بالقرب من الحكام سببا في رؤيته الثاقبة ، و لما حضر الى مصر لاقاه الناس بالترحاب و طلبوا ان يتعلموا على يديه فبدأ في التدريس بالأزهر ، و هنا نعلم لماذا اصبح التمسح بالحاكم من صفات المصريين ، و بعد فترة اقترب ابن خلدون من حكام مصر في و تولى منصب قاضي قضاة المالكية ، ثم ذهب الى الحج ثم هجم تيمورلنك على بلاد الشام ، فهب –خلي بالك من هب دي – الناصر فرج لملاقاته عند دمشق ، و اخذ معه ابن خلدون و عدد من الفقهاء ، و بعد عدة معارك علم الناصر فرج ببعض الامراء الذين يعدون لغلعه و الجلوس مكانه فترك دمشق لمصيرها و عاد الى القاهرة ، تاركا ابن خلدون على أبواب دمشق و من لها غير ابن خلدون؟ طلب الرجل لقاء تيمور لنك ، و بدأت وصلة ممتازة من الكسكسة ، فأخبره بأنه كان يتطلع دائما للقائه ، و التعرف على شخصه الكريم ، و تقبيل يديه الطاهرتين ، و اهداه مصحفا و بردة البوصيري و حلوى قاهرية ، و طلب منه الابقاء على حياته و عدم تدمير دمشق ، فأبقى تيمور على حياته و دمر دمشق يقول المحرران في الكتاب و لعل ابن خلدون كان يعلق على سلته بتيمور لنك امالا اخرى غير ما وفق اليه في شأن دمشق و شأن زملائه من العلماء و القضاه ، و لعله كان يرجو الانتظام في بطانة الفاتح و الحظوة لديه و التقلب في ظل رعايته و نعمائه ، على انه لم يوفق بلا ريب الى تحقيق مثل هذه الأمنية
فعاد الى مصر مكسكسا مرة اخرى للمماليك و اخذ يسعى مرة اخرى للحصول على مناصب حكومية مطبقا المثل المصري ان فاتك الميري ، فأخذ يتولى مناصب القضاء و يعزل منها حتى وفاته رواية العلامة لسالم حميش تحكي قصة ابن خلدون في مصر ، و طبعا تشرح تملقه للحكام ، و لكنها أيضا تذكر كراهية المصريين له لأنه اقترن بامرأة سيئة السمعة لها أخ مخنث أظن انه يجب علينا قراءة تاريخ علماء المسلمين بعين مدققة |
هو بس في خط غليظ وواضح بين قيمة انتاجه العلمي وحياته الشخصية. أنا في رأيي ان المهم انه ميبقاش في تناقض بين الرسالة العلمية والحياة الشخصية. يعني مثلا الفيلسوف الانجليزي جون لوك كتب درر في الحرية والتحرر الخ الخ وبعدين يروح يتاجر في العبيد ويستثمر أمواله فيهم!!!! فلو في تناقض بين انتاج بن خلدون في علي الاجتماع اللي بتقول عليه وحياته الشخصية الحقيقية ياريت توضحه. لأن ده اللي يهمني أنا أكتر. وشكرا علي البوست ده