Thursday, February 15, 2007
النيكوتين هو الحل
حدثتني والدتي عن جدتها منذ فترة ، قالت أنها كانت سيدة تركية تتكلم العربية بصعوبة ، تشتمهم كثيرا ، و تقعد متربعه فوق الكنبة ، و في يدها مبسم الشيشة ، كانت رائحتها دائما رائحة الدخان الخانق للشيشة ، تذكرت وقتها صديقي الفلسطيني الذي أخبرني بأني الشيشة جزء مهم من جهاز العروسة في بعض مناطق سوريا ، و أنها عاده تماثل شرب الشاي عند المصريين هناك ، ربما قلت هذه العادة كثيرا الان ، بسبب الاعلان عن أضرار التدخين و عن تحريم البعض له ، أيضا بسبب منافسة السجاير
لا أظن أن أضرار التدخين مستحدثة ، هي قديمة قدم التدخين ، و لكن لم تكتشف الا مؤخرا ، كان الناس يموتون بانسداد الشرايين و سرطان الرئة بدون أن يشكوا أن السبب هو التدخين ، الطب لم يكن متقدما أيضا ، فلم يلاحظ الأطباء العلاقة بين التدخين و الأمراض المنتشرة الان ، و هكذا لم نلتفت الى أضرار التدخين الا في السبعينيات
قبل ذلك و في الستينيات كان تدخين السجائر موضه ، الرجل المدخن هو رجل قوي جذاب نشيط جنسيا ، السيدة المدخنه هي امرأة جريئة أنيقة شبقة ، تخيل كمية الإثارة عندما يجتمعان! ، فيلم بورنو محترم ، النظره لم تتغير كثيرا الان ، التطور كان في شكل سلبي ، غير المدخنين يتشدقون دائما بأن كل مصائب الجسم البشري سببها التدخين ، و المدخن هو رجل لا يهتم بصحته و لا بصحة الاخرين ، لذلك فهو متهور و مندفع ، و هو أيضا حرامي و نصاب اذا كان فقيرا ، و تاجر سلاح و مخدرات اذا كان غنيا ، اما السيدة المدخنة فالناس يعتبرونها عاهرة ، يقع الناس في كثير من اللخبطة عندما يرون سيده محجبة مدخنة ، الصورة النمطية المعتادة تهتز بشده
في أمريكا كانت شركات السجائر تدفع رشى لمنتجين السينما ، أو يعرضون تمويل أفلام معينة ، لمجرد اظهار البطل مدخنا ، أنيقا لبقا قويا واثقا من نفسه و في يده سيجاره ، بين السبابة و الوسطى ، في جدية تليق برجل اعمال ، أو متدلية من بين شفتيه في استهتار مراهق لا يحمل هما ، لا يهم ماركة السيجارة ، كل شركات السجاير تستفيد من مجرد ظهور الاسطوانة البيضاء الصغيرة ، محمود عبد العزيز و الزملاء في مسلسل رأفت الهجان كانوا يدخنون بشراهة ، يد عبد العزيز الضخمة و هي تمسك بسيجاره رفيعه صغيرة ، ثم ترفعها الى فمه ، و يمج منها البطل نفسا طويلا ، ثم يخرج سحابة بيضاء و تلمع عيناه بحل للمشكلة ، أو بفهم للمسألة العويصة التي يفكر فيها ، مشهد لن أنساه أبدا ، بكل بساطة تصل رساله لعقل أي غبي ، النيكوتين هو الحل
النائب حمدي السيد
اعلن أن شركات السجاير عرضت عليه رشوة لإيقاف تمرير قانون يقضي بمنع التدخين في الأماكن العامة ، القانون المطبق حديثا في فرنسا ، و المطبق منذ زمن في دول و مدن كثيرة ، أيضا انتقد ظهور ممثلين في أفلام و مسلسلات و هم يدخنون أو يتناولون الخمور ، ربما لا يلاحظ البعض هذا ، في بوستر في 1/8 دستة أشرار نرى الأبطال جميعا يعلقون بين شفاههم سجاير ، في فيلم الرهينة البطلة لا تدخن طوال الفيلم ، بل تظهر في بعد المشاهد مدخنة ، يظهر بوضوح أن السيجارة في المشهد لزوم الأناقة و الستايل
المدخنين جميعا يدعون أن النيكوتين يزيد قدرتهم على التركيز ، و بعضهم يقول أنه يزيد من مناعة أجسامهم ، لم أبحث كثيرا في هذا الموضوع ، الكلام أصلا هايف
التدخين عادة شرقية أصيلة ، مثل شرب القهوة تماما ، نقلناها للغرب منذ مده طويلة ، طبعا في صورة السيجارة و ليس في صورة الشيشة ، الشيشة تتطلب كسلا و خمولا و قعدة و تعطل ، لم يكن هذا مناسبا للغربي ، فقطع التبغ الى قطع صغير و حشاه في بايب ثم أشعله ، بعد ذلك ظهرت السيجاره ، التي عادت الينا بدون أن تقضي على الشيشة تماما
كالعادة ظهر سادتنا و شيوخنا ليحرموا السجاير و التدخين ، و الحمد لله كعادتهم لم يجتمعوا على سبب للتحريم ، هي خطوة ممتازة نحو تقييد المدخنين ، و لكن لا أرى انها أثرت كثيرا في سوق السجاير في مصر مثلا ، مقارنة بدول عربية اخرى ، مما يؤكد لنا أن المصري مستعد لعصيان شيوخه إذا لم تعجبه فتواهم ، اقترح الشيوخ كعادتهم منع التدخين ، و في نقاش مع مدون رأى سيادته أن اغلاق مصانع السجاير هو الحل الأمثل لهذه الظاهرة ، طبعا الكلام تهييس مطلق
أظن أن فرض ضرائب عاليه على السجاير حل جيد ، كذلك منع التدخين في الأماكن العامة و المصالح الحكومية أمر مطلوب ، ايضا أود أن أسمع أن قاضيا حكم بطلاق سيده لأنها تشتكي من زوجها المدخن ، سيكون حكما مثيرا ، أريد أيضا أن تمنع ماركات السجاير المستورده ، و أن تبقى المحلية فقط
أفكر كثيرا في العمال الذين يعملون معي ، فقراء جدا ، الشاي و السجاير هما ملاذهم الوحيد ، الفاكهة التي يحلمون بها تتلخص في كباية شاي و سيجاره كيلوباترا ، أرى كثيرين في السبعين و مازالوا يدخنون لا يشكون من أمراض أو علل ، و ربما بعضهم مريض و هو لا يعلم ، نعمة كبيرة أن تكون مريضا بدون علمك ، لن يصيبك القلق أو الأسى ، ستموت مريضا و سيقولون مات موتة ربنا ، أرى الصنايعين على القهاوي ينتظرون الفرج و في يدهم لي الشيشة ماذا إذا تم منع السجاير نهائيا؟ هل سيسعى الناس اليها أيضا؟ هل سيستمر اقبال الناس عليها؟ ، أرى الناس تهرب من مشاكلها بشرب الحشيش – ما الفرق بين الحشيش و الكورة؟ - ، أتذكر أن نجيب محفوظ قال أنه مع السماح بتناول الحشيش بحدود معينة ، اقول يا عم سيب الغلابة في حالهم ، اهو كل واحد في ملكوته
posted by ربيع @ 2/15/2007 11:47:00 AM  
6 Comments:
  • At 3:48 PM, Blogger محمد عبد الغفار said…

    تحليل رائع ، اما الحل فيكون للمتخصصين

    ولكن على سبيل المثال عند تحريم الخمر فى الأسلام اتخذ شكلاً متدرجاً وأعتقده ضرورة حتميه فى حالتنا هذه

    اما قولك الأخير بأن نسيب الناس فى ملكوتها فلا اتفق معك فيه ابدا ولا يمكن قبوله بالنسبة لى ، افهم مراعاه ظروفهم بشكل او بأخر اما تركهم هكذا فيضرهم وضررهم يسبب ضرر للمجتمع

     
  • At 6:50 PM, Anonymous Anonymous said…

    bey2olak mara wa7ed esmo teen rafa3 2adeya 3ala shareekat el sagayer...3aref leih?

     
  • At 10:12 PM, Blogger karakib said…

    هل سمعت عن ونستون تشرشل
    رئيس وزراء بريطانيا في وقت الحرب العالميه الثانيه
    ال>ي لم يكن يفارق السيجار يده حتي في أثناء القاء خطاباته ؟ عاش للثمانين
    و ها انت تورد أمثله عن عمال مدخنين يتعدون السبعين من العمر
    ------------------
    لا شك أن التدخين ضار جدا بالصحه كما هو مكتوب علي علب السجائر
    أكيد طبعا
    لكن كل واحد حر ... حر ما دام لم يتعدي علي حدود حرية الاخرين
    ------------------
    قرأت مره أن التدخين و شرب الشاي او حبوب القهوه المطحونه في الصباح هي من عادات المصريين و الشرقيين عموما
    محمد علي باشا هو من أدخل اختراع الشيشه معه الي مصر عندما حكمها فقد كان تاجر دخان و جندي الباني فالاساس
    ده غير مصانع الشيش الشهيره في مصر مثل خليل مأمون و غيرها
    اما عن أقتراح غلق مصانع التبغ في مصر فهو درب من التهريج ... تفتكر يعني ده هيمنع الناس تدخن ... يا سيدي الممنوع مرغوب و لو كان مسموح و اصبح ممنوع دي يعطي له دعايه مجانيه و أقبال أكثر و اكثر من الناس مثل الروايات الممنوعه و الاشعار التي يقرأها الجميع فقط لأنها ممنوعه ليست لأنها جيده ... أعتقد ان الحل الواقعي و الحقيقي هو منع التدخين في الاماكن العامه ... في المطارات الاجنبيه هناك غرف معينه للمدخنين ... بيعملوها مقرفه أوي علي فكره ... في حلول أكثر منطقيه من أغلاق مصانع التبغ في بلدنا
    لأنه ده هيفتح سوق لتهريب السجائرو المعسل لا حدود لها

     
  • At 2:18 AM, Anonymous Anonymous said…

    ازيك يا ربيع

    فيه كتاب لطيف عن موضوع التدخين وتغير الصورة المرتبطة بيه ، وتغير وسيلة استهلاك النيكوتين في المجتمع المصري وارتباط ده بالتغيرات اللي حصلت للمجتمع المصري

    الكتاب هو

    Smoking, Culture, and Economy in the Middle East
    The Egyptian Tobacco Market 1850–2000

    http://www.aucpress.com/pc-2159-4-smoking-culture-and-economy-in-the-middle-east.aspx


    كنت ناوي أشتريه ، بس لقيته غالي! قلت بما اني قريت الريفيو بتاعه في وجهات نظر ، أوفر ال130 جنيه أحسن

     
  • At 9:08 AM, Blogger ربيع said…

    كراكيب
    على حد علمي الحشيش كان مسموح به في مصر في فترة ما ، شوف دلوقتي ايه اللي حصل بعد تحريمه ، طبعا عدد المتعاطين قل كثيرا ، بس سعره كمان زاد جدا ، مع انه في الحقيقة رخيص
    مجهول
    يا أخي انا باتفرس من كتب الجامعة الأمريكية دي! ، الفقع انها ما بتترجمش عربي ، الواحد شكله هايضطر يشتري كتب بالانجليزي و غاليه كمان

     
  • At 4:24 AM, Anonymous Anonymous said…


    واحد صاحبي كان له حكمه شهيره
    ولادالمركوبه بيقولوك التدخين بيموت انا جدي عاش لحد 95 سنه واتجوز وخلف عيلين وهو عنده 85 سنه وكان بيحشش ويدخن وكل مشكلته كانت الكحه والبلغم بتاع الصبح
    ومات موتة ربنا
    ياعم ربيع الموت علينا حق والتدخين علينا حق

     
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker