تخيل شخصا بدون ذكريات ، هو تقريبا بلا حياة هناك يتكلم أحمد عن الكثير ، لفت نظري جملة مهمة ، دول النفط التي شتتنا ، أضيف دول النفط التي لم تخلق ذاكرتنا مزايا دول النفط على كثيرة ، منها المال بالطبع ، شيكولاته تويكس ، و لا أذكر شيئا آخر ، نحن تربينا على العزلة ، بينما نحن جالسون على الأرض أمام التلفزيون نتابع نحول و زينة ، أو بشار ، كان أقراننا في مصر يلعبون في الشارع ، أو يزوغون من المدرسة للسينما ، أحدهم كان يذهب صباحا للقهوة ليأخذ حجر المعسل اليومي ، كان في الإعدادية ، و وقتها لم أكن أعرف ما معنى سجاير ، كنت قطة مغمضة دائما ما أقول أن أبي أخطأ و رباني ، و يا ريته ما كان رباني ، بعد العودة الى مصر ظهر أني لن أستطيع الحياة أو العمل أو التنفس ، و كان يجب أن يظهر تنين أو أسد أو شيء ما من داخلي ليتعامل مع العالم الجديد ، و الذي ظهر لم يكن أسدا ، كان ضبعا ، فالحياة المرفهة دائما ستقتل كل شراسة بداخلك الى الأبد ، كذلك قلة الاختلاط و عدم التعامل مع الناس ستؤخر نموك العقلي ة الأكثر من ذلك ، لن تخلق ذكريات و لا شخصية ببساطة كانت الأحوال بالغة السوء في مصر ، في أواخر السبعينيات كان الملاذ الوحيد هو السعودية و الكويت و قطر ، و هكذا نشأت منطقة في مصر تسمى "مدينة نصر" حيث ثلاثة أرباع السكان كانوا يوما يعيشون في دول النفط ، و حيث كانوا يحولون أموالهم الى حديد و أسمنت في مدينة نصر ، لمكان قد يرجعون اليه يوما يسمى البيت ، و بالطبع ، إذا لم يتابع صاحب المنزل عملية البناء ، و إذا كان البناء مقاولا بعمة ، بلا فنان أو مهندس ليخلق جمالا من التراب ، فماذا تتوقع من مدينة نصر؟ عشاوئية غنية منظمة ، سرطان القاهرة المزمن ، حي البترول و الحرامية ، حيث القباحة ارتبطت بالغنى ، و لأن الغني جميل – أو على الأقل كان – فتحولت مدينة نصر حسب وصف بعض الناس ، الى أرقى احياء القاهرة ، و ربنا يعوض على جمال المعمار الناشئون في دول النفط لا يعترفون الا بالمال ، وفرة المال في وقت ما جعلتهم ينسون تقلبات الزمن ، ربما ينحدر الحال بهم يوما ، و لكنهم سيستمرون في اسرافهم و كأنهم يمتلكون بنكا ، و اياكم و الزواج من بنت تربت في السعودية – على رأي لون ولف – ببساطة هاتطلع دينك ، و كأن انشاء مدينة قبيحة كحبوب الجدري على أطراف القاهرة لم يكن كافيا ، فانتشرت فكرة فرتكة الفلوس بين الناس الأكثر مدعاة للحزن هو ذاكرتنا البيضاء ، كل الذكريات السيئة التي نحاول نسيانها بكل قوة ، و أفلحنا في ذلك ، لأنها كانت قليلة و غير مؤثرة ، بينما نحاول التشبث بالذكريات المصرية في الصيف ، هواء الصيف البحري في شقتنا القديمة ، رائحة الذرة المشوية و طعمها ، برودة عصير القصب – أيوه عصير القصب كان بالنسبة لي ذكرى جميلة – روكسي و الناس و الأضواء ، شاورما أبو حيدر ، كل هذا كان عونا في العواصف الرملية و حينما يتحدثون عن ذكريات السندباد و الأهرام و المتحف و حديقة الحيوان ، أبتسم و أنا محرج ، و لا أتكلم خشية أن يفهم الآخرون أني جاهل أو منغلق ، أو كنت مصابا بشلل الأطفال وقتها أقترب من الثلاثين ، لا أرى أي تقدم على المستوى الشخصي ، لم أفعل شيئا لأكون فخورا به ، لم اكتب رواية كما كنت أتمنى ، لم أعش وحيدا في شقة في الكوربة ، لم أتزوج من شخص يفهمني ، و لن أظلم النفط و أقول هو السبب ، و لكني أظن أنه من أقوى الأسباب |
عزيزي ربيع
قرار انشاء مدينه نصر كان في اواخر الخمسينات و كان التخطيط الاولي ان تكون علي غرار المعادي فيلات و مباني لا تتجاوز الثلاثه ادوار و حدائق الخ
لكن الساده الظباط كان لهم رأي اخر ان ذلك سوف يكون رده للبرجوازيه و الارستقراطيه و النتيجه القبح و العشوائيه الوجوده الان و المسماه بمدينه نصر