Thursday, August 14, 2008
عن السيد سامح

دخلت فرع الشركة العريقة لدفع فاتورة متأخره ، الفرع صغير ضيق و لكنه منظم ، امامي يجلس اثنين من موظفي الشركة أمام جهازي كمبيوتر ، يعاونون العملاء على دفع فواتيرهم و خدمتهم ، و يقف على الباب رجال أمن بملابس مكرمشة ، ربما لإضفاء طابع التنظيم الوهمي على المكان ، قطعت رقما و جلست منتظرا ، باقي على رقمي ثلاثة عملاء ، أحدهم يجلس بجانبي ، نفخ في الهواء و قال استغفر الله العظيم ، حسبي الله و نعم الوكيل ، لم أفكر فيما قاله و شردت مره أخرى في افكاري ، فوجئت به بلا سبب محدد يحاور رجل الأمن قائلا : طب بتوزعوا أرقام ليه اذا كنتوا مش بتحترموها ؟ ، الراجل ده دخل قبلي مع ان رقمه بعد رقمي ، و اهو واقف قدام الشباك و متعطل ، الفرع ده بطيء جدا و أنا هاشتكيكوا!!! ، بدأت في الدبدبة بقدمي على الأرض ، يظن السيد أننا في الحضانه ، فهو سيشتكي حضرته الفرع الى الناظر ، أخيرا وقف الرجل امام الموظف و بدأ على الفور في الكلام : لازم يكون فيه نظام ، طول ما بتوزعوا ورق بأرقام يبقى لازم تحترموا الارقام ، ازاي ده يدخل مكاني؟ انا هاشتكيك . طوال الوقت كان الموظف يحاول جاهدا ان يشرح للسيد شيئا ما ، من خلال الكلمات المتقطعه فهمت أن "الشبكة واقعه" و أنه لا يستطيع اتمام طلب السيد حالا ، و أنه سمح له بالانتظار حتى تقوم الشبكة من وقعتها ، بينما السيد الآخر لا تتطلب خدمته الشبكة او غيرها ، و لهذا سبقه الى إنهاء طلبه ، و لكن السيد لم يسكت ، و ظل يرغي و يقول : انت اسمك ايه؟ . سامح . انت سامح و انا هاشتكيك!!! . يا استاذ هو أنا باشتغل عندك؟ ، و هي بالتأكيد جملة خاطئة فلا يجوز لموظف أبدا أن يسأل العميل سؤالا استنكاريا كهذا ، أيوه بتشتغل عندي . و لأن السيد سامح على الأغلب طلع دينه من زمان أثناء خدمته في هذه الشركة العريقة ، و لأن "الشبكة واقعه" منذ عدة ساعات ، و لأن السيد سامح بالطبع لا يعمل عند أحد ، و لأن السيد الواقف أماه خول أصيل ممن يتمتعون بروح و تصرفات الخولات الأصلاء ، فقد قام السيد سامح من مكانه ، و ألصق شاشة الكمبيوتر بالحائط على يمينه ، و خلع الجانب الخشبي لمكتبه ، كل هذا و عضلات جسده تتشنج كثور مذبوح ، و كان على لسانه جملة ظل يرددها : يلعن دين أبوكوا ، و بين كل يلعن دين و يلعن دين التي تليها كان يردد كلمات غير مفهومة في صوت أشبه بالزئير – السيد سامح عرضه مثل طوله بسم الله ما شاء الله – و سار السيد سامح في خطوات متشنجه الى غرفة صغيره مستقلة عن الفرع ، و رزع بابها خلفه متابعا يلعن دين أبوكوا ، و كلمات أخرى غير مفهومه ، في حين رد السيد الخولاتي الواقف أمام المكتب المحطم قائلا : استغر الله العظيم ، الله يعينك ، و لا أعلم كيف سوف يعاونه الله في مثل هذه الحالة ، دي طريقة ؟ دي التربية؟ إنت اسمك ايه؟ . سأل السيد الخولاتي زميل سامح الجالس على يساره ، تمتم الموظف بكلمة لم اسمعها من فرط ارتفاع صوت سامح في الحجرة المغلقة ، هو سامح و انت فلان و انا هاشتكيكوا انتوا الاتنين ، أخبره الموظف الآخر أن "الشبكة واقعه" و أنه لا يمكن اتمام معاملته . انا واقف هنا و هاتلي الشرطه تمشيني ، هادفع الفاتورة يعني هادفع الفاتورة ، خرج باقي العملاء من الفرع ، سألت الموظف الباقي ان كان من الممكن دفع فاتورتي فأجابني بالسلب

الجو في الخارج حار جدا ، بينما التكييف في الداخل يجعل الجو محتملا بل و مرغوبا ، أقرب فرع في المهندسين و أنا حاليا في أكتوبر ، و بالطبع لن اجد مكانا لركن سيارتي في المهندسين و لا في وسط المدينة ، أيضا عندما سأصل الى منزلي سأكون مرهقا جدا ، و لن استطيع الذهاب الى أي فرع من فروع الشركة ، مما يعني أني لن أذهب الا مساء ، مع العلم أن ربع ساعة ضاعت من وقتي أثناء الانتظار ، و أن دمي فار و ضغطه زاد من السيد الخولاتي الواقف أمامي الآن ، بالإضافة الى أن السيد سامح سيترك الشركة العريقة بالتأكيد ، و ربما لن يتلقى منهم أي شهادة خدمة ، و سيتعرق أثناء المقابلة القادمة اذا سئل عن سبب تركه للشركة العريقة ، طبعا مع العلم بأن السيد سامح قد يصاب بأزمه قلبية خلال الدقائق القادمة ، هذا بالإضافة الى أن السيد الخولاتي كان مغريا للهجوم

هو ذلك النوع من الناس الي بلغ الخمسين منذ فترة طويلة ، و مازال يلبس ملابس تليق بابن العشرين ، صابغا شعره ، حالقا ذقنه حتى جذور الشعر ، منعما وجهه بالفتلة ، ممسكا في يده اليمنى أربعة موبايلات ، مرتبا اياهم من الاكبر الي الأصغر ، بحيث يبدي من ناحية قدرته المادية على ابتياع عدة موبايلات متعددة الأبعاد ، و اهميته لأنه يحمل أربعة خطوط ، و مبديا هوسه بالتنظيم الظاهر في كل ما يلمس جلده ، هذا بالاضافة الى الملمح الذي يصيبني في مقتل ، الحذاء الملمع بعناية

خاطبته قائلا : انت راجل مش محترم ، لم يلتفت لي في حين تسمر رجل الامن و تحجرت عيناه ، و لم يتحرك الموظف الآخر ربما لأنه رأى ما فيه الكفاية في هذا اليوم الأسود ، انت يا عم يا اللي سابغ شعرك!!! ، التفت لي بوجه حيادي تماما ، هو ايه يا عم اللي بيشتغل عندك ، هو فيه حد بيشتغل عند حد يا عبيط يا اهبل انت؟ . إنت....؟؟؟!!! . أشار إلي بسبابته و لم ينطق سواها ، ربما لأنه لم يتوقع هجوما خلفيا بعد الهجوم الأمامي السابق ، تابعت الهجوم و أنا أشعر بالدم يندفع الى مؤخرة رأسي : و تشتكي مين يا عم هو احنا في المدرسة عشان تروح تشتكي؟ ده الراجل كتر خيره انه سبلك الدين و ماسبلكش حاجه تانية ، و على فكرة بقى ، يلعن دين أبو أمك

وقفت و أنا ارتجف من الغضب و خرجت الي الشارع الحار ، مشيت مقاوما رغبة فتاكة في التبول عليه

posted by ربيع @ 8/14/2008 01:16:00 PM  
5 Comments:
  • At 6:45 PM, Blogger عباس العبد said…

    هههههههههههههههه
    --
    عارفاهم انا الناس بنت المره دى
    بتقابلهم كتير و خصوصاً فى البنوك
    يحسسك انه بنى ادم و هو حيوان فاكر نفسه
    بجد فعلاً ناس عايزه ضرب الجزم
    ---

     
  • At 8:59 AM, Blogger محمد حمدي said…

    خطيره خطيره خطيره
    كنت هموت مرتين .. مره من الضحك ومره من الغيظ

    تحياتى

     
  • At 12:16 PM, Blogger Mo'men said…

    مش ممكن .. الشخصيات ده مستفزه و عايزين ضرب الجزم , بس كويس انك عملتلهم profiling:

    1- الحذاء الملمع بعناية

    2- صبغه الشعر

    3- موبيلين فاكثر

    4- غالبا تخين و معدي ال50 و فاضي و مورهوش حاجه مفيده تتعمل و اهي مغامره يحكيها للمدام و الاولاد علي الغدا

    برنس يا ربيع .. بس كنت سبتله بجد مدام انت مستبيع و ماشي

     
  • At 9:15 AM, Blogger ربيع said…

    و الله حلو
    احنا نعمل جمعية و نبتدي نسب للناس دي لما نشوفها في الشارع

     
  • At 9:17 PM, Anonymous Anonymous said…

    احبك يا ربيع
    غالبا ما يركبون سيارات فضية
    وفى الغالب لانسر
    بس معلم والله

     
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker