Friday, November 07, 2008
عن الحيوانات المجترة

عندما عدد لي السيد المسؤول في الجامع الخطوات المتبعة عند كتب الكتاب ، كدت أفقد الوعي ، كانت خلفي صامته تماما ، لا أشعر حتى بأنفاسها ، و لما خرجنا انفجرت : انت كنت قاعد ساكت ليه؟ ، فانفجرت بدوري : و قال ايه؟ عايز يشغل أسماء الله الحسنى بتاعت هشام عباس ، انا هربان من سعد الصغير يجيبلي هشام عباس ، و كمان نصهم طلع مضروب ، فانفجرت بعنف أشد : و ايه المصور يمشي و يمشينا وراه ، و يلف الحديقة و الجنينه و البدنجان ، و يصورنا و احنا بنتعوج و احنا بنتعدل ، خيبة ايه دي؟ ، فانفجرت : و الله لو شغلوا البتاع ده لكون دالق جردل ميه في السماعة ، و اللي يولع يولع و اللي يتكهرب يتكهرب ، هالبس جزمة بنعل كاوتش !! ، فانفجرت : انت تروح بكره و لا بعده تفهمهم ان الكلام ده مش هايحصل

و لما جاء بكره ، ذهبت الى الجامع بعدما تنفست بعمق لمدة سبعين دقيقة كاملة ، و مسحت من ذاكرتي كل الشتائم التي تعلمتها في صباي ، و انتعلت نعلا خفيفا كاشفا مهويا ، لا لأضرب به أحدهم لا سمح الله ، و لكن لأن راحة الجسم تبدأ من القدمين ، ثم توكلت على الله و دخلت و بدأت الحديث بهدوء ، أخبرت السيد المحترم أني لا أريد الاستماع الى أسماء الله الحسنى ، و أني لا أريد أني أجري خلف المصور ، الحق أن السيد كان مهذبا للغاية ، فلم يبدأ كلامه كعادة الناس " الصواب أن تفعل كذا و كذا " أو " كل من نعرفهم فعلوا كذا و كذا " و كأن الفعل الجماعي يبرر قبح الفعل ، قال السيد " نحن اعتدنا على عمل ذلك " ، يا فندم نحن نقف في جامع ، ربنا سخر من الكفار لما قالوا وجدنا آبائنا بيعبدوها قلنا امشي ورا أبوك لحسن العدا ياخدوك ، فكيف بالله عليك تفكر مثل هذا التفكير في مكان مقدس؟ و لما أعدت رأيي بوجه زجاجي جامد ابتسم هو و طلب مني تذكيرهم بذلك في اليوم المشهود

و هكذا عدت و كلي قلق ، خوفا من تطنيشي ، أو معاندتي في اليوم المشهود

ثم ذهبت لشراء البدلة ، و لا اعلم يقينا لم يختارها الناس سوداء ، و لا أعلم أيضا كيف يفهم البائع أني عريس بمجرد أن أطلب منه بدلة سوداء ، يا أخي قد أكون ذاهبا للعزاء مثلا ، ما علينا ، و لما وجدته يرص فوق البدلة قميصا و حزاما عريضا و بابيونا و شرابا ، استبعدت كل ذلك و طلبت منه كرافته – خناقة – عادية ، و يا للهول ، و كأني أخطأت في حق اللات و العزى ، و كأني به يرفع محموله ليتصل بأبي لهب ليأتي فيقتل أحد أتباع الدين الجديد ، فقال بصرامه ، الصح انك تلبس قلىقىلنتىسينبىش ، و هي مجموعة الأشياء التي لا أعلم لها اسما و لا صفة و لا هيئة و هي تلبس بدلا من الخناقة في يوم كهذا ، و التي غالبا ما تعرفونها حق المعرفة ، فتذكرت كلمات بوذا ، و السيد المسيح ، و نبينا محمد ، و سيدي عبدو ، الداعية الى التسامح و الاطمئنان ، و قلت له في دعه : عزيزي ، أريد خناقة بسيطة ، فأنا لا احب البهرجة و لا الاستعراص – مافيش نقطة ناقصة – أريدها بسيطه ذات درجة لون فاتحه ، قريبه من لون السماء ، أو سوداء و بيضاء كأني عبد الوهاب في فيلم اضربني علي قفاي فأنا غير منتبه ، فقال بصرامة أشد : أنت العريس و العريس أنت ، يجب ان تكون متميزا ، كل من في الحفل سيرتدي خناقة ، فعليك بارتداء الخناقة المميزه ، هذه ! ، و أشار الى ال قلمنسقلمنةىسيبم ذات الهيئة الغريبة ، تخيلت مشهد ابن المليجي مجبسا قدمه ، و حموكشة منحكشا شعره ، و عزة ببنطالها الجينز ، و غيرهم بأزياء السيرك و المطافي و الجلاليب الفلاحي ، ضحكت في سري ، و لم أود أخباره بما أتخيله ، خوفا من ابدال القميص العادي بقميص أكتاف

و لأنني مسعد ، فقد انتشر الخبر في مصر الجديدة كلها ، إذ أنني وجدت الكثيرين من أبناء الشعب ينتظرون في الطابق الأرضي للمحل ، و معهم صاحب المحل ، الذي بادرني بالسؤال الفتاك ، لماذا لا تريد ارتداء الساتان؟ فكدت أشرح له أنه يكلم الشخص الخاطيء ، و أنني أستمتع بارتداء المنامة الكستور و لا أستمتع بارتداء قميص النوم الساتان ، أها ، هو يتحدث عن المجموعة القماشية ذات الهيئة العجيبة بالأعلى ، عزيزي صاحب المحل المبجل ، حط لسانك في طيزك و سمعنا ظراطك ، و لأنني مازلت تحت تأثير التنفس العميق ، فقد مسحت الخاطر الذي مر عبر مركز التخاطب ، و قلت بهدوء ، سأرتدي البدلة – مش عربية فصيحة – في كتب الكتاب – جملة ركيكة – فلا حاجة لي بالساتان و غيره

و هنا تبين لي أن السيد صاحب المحل ، الذي تغلب بياض شعره على السواد ، ابن جيل النكسة و العبور ، الذي غير تاريخ مصر و جغرافيتها ، هو في الحقيقة خروف ملوكي ذو إلية منتفخة في قطيع ضخم من الخرفان و المعيز و الحوانات المجترة ، فألقى على مسامعي بقايا خطبة ، لولا مقاطعتي المستمرة له و استنكاري و سخريتي المبطنة و هجومي الدفاعي ، لألقاها كاملة و لاستحق تركي للمحل غير مأسوف عليه

و لكنه و كعادة الخرفان صمت اخيرا ، و لأن الخروف اذا ما استثير تذكر أيام نطحه عندما كان شابا يافعا حاد القرن ، فربما تذكر السيد أيام شبابه و نطحه ، و قارن بينها و بين أيامه هذه ، أيام المذلة و المفروض و الصح و الواجب و الأصول ، فقال لي أخيرا : مبروك ، المهم تكون مبسوط ، فابتسمت و حمدت الله على نعمة الانبساط ، و نعمة أن تكون نصف خروف في قطيع من الخراف

posted by ربيع @ 11/07/2008 05:14:00 PM  
8 Comments:
  • At 7:55 PM, Blogger SaSo said…

    الله يجازى شيطانك ياربيع,فكرتنى بيوم خطوبتى
    دخلت لقيتهم مشغلينلى اسماء الله الحسنى ركبنى العصبى وفضلت اصوت لحد ماطفوها
    هما طبعا ماكنوش مقتنعين خالص على اساس ان الفرح من غير اسماء الله الحسنى مينفعش واللى يقولى انها بركه وبتاع بس طفوها ولما طفوها كان الدى جى وقف فكل الناس سمعنتى وانا عماله اقول "مبحبهاش مبحبهااااااااااش" كانو هيقومو عليا رجما بالجزم بقا على اعتبارى من اتباع ابو لهب المذكورين اعلاه
    وتخيل بقا ياربيع صدمتى وانا بستلم شريط الفيديو والاقى الراجل تطوع وحاططها ف الدخله بدل الاغنيه بتاعتنا اللى انا فعلا شغلتها ف الخطوبه,موش عايزه اقولك بجد بقيت هتجنن وصممت انه يشيلها ويرجع الاغنيه الاصليه


    وبالنسبه لموضوع الخناقه,فكر فعلا ف "الاسكارف" شكله بجد حلو,او ال"بابيون" بس ده عايز واحد ابن ناس اوى
    ....
    عموما -و ف كل الاحوال- الف مبروك

     
  • At 8:17 PM, Blogger radwa osama said…

    ها ها ها
    فكرتنى واحنا بنشترى بدلة عمرو بتاعة الفرح الراجل بعد الحوار الهزلى ده توصل ان احنا اكيد بنكذب عليه
    بس انت اعقل.. عمرو رفض يلبس قميص ابيض واى نوع من انواع الكرافتات .. مبروك مقدما

     
  • At 8:50 PM, Blogger هبه said…

    يعنى مثلا هما حيخسرو ايه لو ماشغلوش اسماء الله الحسنى. هما يعنى حيخسرو ايه لو بطلو مجادله فى انك المفروض تلبس ايه او حتى ماتلبس؟؟, هما يعنى حيخسرو ايه لو سكتو وبطلو ينحشرو ويدخلو مناخيرهم فى كل حاجه؟؟
    امممممممممممممممممم

     
  • At 8:52 PM, Blogger هبه said…

    اه صحيح معلش نسيت
    الف مبروك واوعى يضحكو عليك ويلهوك ويشغلهوالك برضو يوم كتب الكتاب
    :-))

     
  • At 11:34 PM, Anonymous Anonymous said…

    طب والله لانا لابس بدلتي الطلياني اللي بكذا ألف يورو ومخلي رقبتك زي السمسمة.

    إحنا اتفاجئنا بأسماء الله الحسنى بتاعة هشام رغم اتفاقنا مع الدي جي وكأن دا شيء ما يسريش عليه أي اتفاق. بعد أول كام اسم منظمة الفرح (لازم يبقى عندك واحد أو واحدة برضو) تعترض. قال لها طيب معلش ما هي اشتغلت اقفلها يعني. وما صدقش تقريبا لما خلته يقفلها.

    بعد القضية بتاعة الأسماء دي الواحد دلوقت ممكن تسموا ابنكو عبد الجامد مثلا أو عبد الخطير، ولا حد يقدر يكلمكوا. دا إن كان ضروري تخلفوه يعني.

    على فكرة مفيش علاقة لستايل شعرك بإن تلبس بدلة. فكرني أوريك صور فرحي.

     
  • At 9:37 AM, Anonymous Anonymous said…

    فتذكرت كلمات بوذا ، و السيد المسيح ، و نبينا محمد ، و سيدي عبدو ، الداعية الى التسامح و الاطمئنان"

    سيدك عبدة اية بس ياعم,انت عاوزهم يقفشوا فينا زي ما بيعملوا في البهائيين,ياعم احنا غلابة و ما بندعوش لحاجة اساسا

    يلا كل جوازة و انتوا طيبين!

     
  • At 8:46 PM, Blogger كوازيمودو said…

    مع ان ازميرالدا دى تبقى حب حياتى.. فأنا مسامح وتريليون مبروك يا دكتور

     
  • At 8:49 AM, Anonymous Anonymous said…

    بس شفت البدلة كانت لايقة ع الجبس ازاي؟
    تصدق برضه الناس في فرحي انذهلوا وانبهلوا لما شغلت شالسيك براس بدل أسماء الله الحسنى

     
Post a Comment
<< Home
 
 
عن شخصي المتعالي
مدونات
روابط
كتب
أخبار
Free Blogger Templates
© SprinG
eXTReMe Tracker